دور خطاب الكراهية في تنامي العنصرية بالسودان

دور خطاب الكراهية في تنامي العنصرية بالسودان.

د. جمال عبدالحليم النور نائب الأمين العام برزت خطاب الكراهية كأداة خطير، في الحياة السياسية والاجتماعية بالسودان، منذ وقت ليست بالقريب، يرجع إلى تاريخ مراحل الرق في السودان، وأخذت منحاها التطوري بعد السودان الانجليزي المصري نتيجة للسياسات الخاطئة التي اتبعتها النخب السياسية في السودان بعد خروج الإنجليز .

قد عرفها الأمم المتحدة بانه( الكلام السيء الذي يستهدف مجموعة أو فرداً بناء على خصائص متأصلة مثل العرق أو الدين أو النوع الاجتماعي، والتي تقود إلى تهديد السلم الاجتماعي)، وكذلك عرفها المادة الأولى من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 1969 م، والتي إنضم إليها السودان في مارس 1977م، مفهوم التمييز العنصري بأنه يعني (( أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة)). لذلك خطاب الكراهية والعنصرية لازمت كثير من المجتمعات في العالم، لاسيما الدول التي تمثل نموزج للحكم الرشيد، في ممارسة الديمقراطية، وحقوق الإنسان واحترام كرامة الإنسان من حيث هو إنسان لكنها استطاعت أن تخرج منها وتتجاوزها وتصل بمجتمعاتها إلى مرحلة التفوق والازدهار .

خطاب الكراهية في السودان لم تكن وليدة لحظة بل هي امتداد للممارسات الاستعمار والرق في السودان، وهي نتيجة لتاريخ طويل من التعالي الثقافي والعرقي والتمييز الممنهج، التي كانت مرتبطة بسياسات الدولة الرسمية، منذ الحكم التركي، ومرورا بالحكم الانجليزي المصري، التي خلفت تركتها لغاية الآن آثاراً مدمرة في الحياة السياسية والاجتماعية بالسودان. المهم في الأمر أن خطاب الكراهية في السودان ارتبطت بالسجال السياسي، القائم على الممارسات الضيقة، ولضعف بناء المجتمعات السودانية من لحظة خروج الإنجليز لم يكن هناك مشروع وطني لبناء وحدة طوعية بين التكوينات الاجتماعية في السودان، بل ظل السياق السياسي والاجتماعي مرتبطة بمصالح النخب السياسية، في توزيع تهم العمالة والخيانة وفق المزاج للتمترس خلف الامتيازات، ورفض الآخر المختلف حسب العرق أو الدين أو اللون أو الجهة.

لعبت النخب السياسية في انتشار وتعميق خطاب الكراهية، متجاوزين كل المواثيق الدولية، مما أدى إلى توليد القهر والعنف، التهميش السياسي والحرمان التنموي بشكل متعمد على أساس الجهة، اوالعرق، واللون، وكذلك أدى إلى تعميق الفجوة بين الوجدان السوداني، خلقت نوع من عدم الرضى والشعور القومي بين السودانيين.

وعلى أي حال وفي كل الأحوال خطاب الكراهية ينتجه العقل العاجز عن استيعاب الآخر المختلف عنه في اللون أو الجنس، أو العرق، أو اللغة أو التكوين السياسي، أو الفكري، بغرض الإهانة والاستفزاز، وخلق نوع من التمييز والتحريض في زعزعة الثقة، ويستخدم خطاب الكراهية اليوم بشكل عنصري، للحفاظ على الامتيازات التاريخية والتفوق العرقي، و كذلك الحفاظ على عرش الظلم والاستبداد من الانهيار، مما أسهم ذلك إلى تفوه وممارسة العنصرية بشكل بغيض، في الحياة السياسية والاجتماعية بالسودان. يلاحظ من خلال التتبع بأن أي من يخالف النخب في السودان فهو خائن وعميل، يشيطن ويواجه بالاستفزاز اللفظي، ونشر المعلومات المضللة المضادة بغرض التشويه والنيل من شخصيتة، لذلك حصل على دكتور جون، وياسر عرمان، ولقمان إبراهيم (هذا العبد صاحب العنف القبيح يزعجني) من داخل المحكمة، مرت وكأن لم تحصل شيء.

والجدير بالذكر أيضاً خلفت حرب جيش الكيزان والدعم السريع، ممارسات ومفردات ناتجة من قاموس الظلم والاستبداد التاريخي للنخب، كرس ذلك على تعميق الصراع في السودان، مثلا المرتزقة، الوحوش،عرب شتات، الفلنقاي، الاوباش، الإساءة والتشكيك في سودانية بعض المجتمعات، تحويل القنوات الإعلامية، التلفزيون الرسمي و الراديو منصات التواصل الاجتماعي، في شن حملات عنصرية ضد بعض، وفي أصل الحقيقة، ماهي إلا حيل وأساليب مكاره، يستخدم كبندول لتسكين وخداع الشعب اي آليات التلاعب بالعقول.

بالأمس القريب راجت فيديوهات، تأصل عمق العنصرية بعد دخول مليشيات جيش الكيزان والتائهين معهم بلا وعي إلى الجزيرة، في قتل المواطنين الأبرياء بلا زنب ليس لهم في هذا الحرب لأناقة ولاجمل، قتلوهم في الكناببي بدافع العرق والجهة، فقط لأنهم من غرب السودان، حرقوا مساكنهم وتركوهم بلا مأوى من قبل شخص أمس كان مجرم، وفي لحظة تحول لهم فأصبح مبرئا من الذنب يمارس القتل والتنكيل فقط لأن هؤلاء ليس منهم بس لأنهم غرابه. على العموم تاريخ السودان بعد خروج الإنجليز مليئة بخطابات الكراهية والعنصرية البغيضة، من قبل النخب السياسية الفاشلة الذين تعاقبوا في حكم الدولة السودانية، ولا زالوا أمراضهم السرطانية ملازمة ومهدده جسد الدولة من التعافي، بل قد تذهب بالدولة إلى العفول، وحتى لا يتفكك الدولة السودانية ويتحول إلى انقاد عليه يجب على أصحاب الضمائر الحية أن تلتفت إلى ماتبقى حتى لا تزاح الستار الكلي بالآتي :

1/ السعي بكل جدية وضمير وطني لإيجاد حكومة تحافظ على كيان الدولة بسن وفرض سياسات وقوانين لتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين لحفظ وصون كرامتهم.

2/ العمل على تفكيك الهياكل والمؤسسات التي تدعم خطاب الكراهية والتمييز العنصري، على أساس اللون، الجهة…. الخ.

3/ العمل على تأسيس منصات وقنوات إعلامية لمحاربة خطاب الكراهية والعنصرية التي عمقتها الكيزان لتفكيك الدولة السودانية.

4/ السعي على تكوين تحالف عريض وبضمير مفتوح يشمل كل قوى الثورة الحية لمواجهة مؤامرات وخباثات الكيزان وأعوانهم.
5/ يجب على جميع المثقفين وأصحاب الرأي العام والضمائر الحية توجيه اقلامهم لمناهضة خطاب الكراهية والعنصرية المستشرية في السودان.

وأخيرا الهروب من مواجهة الحقيقة ليس حلا بل هي تكريس للظلم، وتعميق للجراحات، وتبديد وتشتيت للجهود وتطويل لعمد الحرب وفي النهاية، في الليلة الظلماء يفتقد البدر.


اكتشاف المزيد من حركة جيش تحرير السودان- المجلس الانتقالي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

  • Related Posts

    د. جمال عبدالحليم النور يكتب الثورة السودانية التراكمية ما بين معركة الوعي وزييف القادة.
    • مايو 21, 2025

    الثورة السودانية التراكمية ما بين معركة الوعي وزييف القادة. د. جمال عبدالحليم النور نائب الأمين العام لحركة تحرير السودان-المجلس الإنتقالي. الثورة السودانية هي نتاج أسئلة تراكمية ترجع لأكثر من سبعين عاماً بحثاً عن التغيير الجزري، في جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من أجل بناء دولة سودانية حديثة، يحترم التنوع والتعدد والانفتاح بشكل جزري لمعالجة الاختلالات الهيكلية والبنيوية في سيرورة الدولة السودانية، التي كرستها النخب السياسية في السودان، طوال تاريخيه الحديث، علاوة على ذلك فإن العقل السياسي المنتج من ايدلوجيات نفي الآخر المختلف، قد احتكر تطلعات وطموحات شعبنا العريض، في إطار أحادي ضيق، واختزلته لخدمة أغراض النخب السياسية الفاشلة، وبالإضافة إلى ذلك أيضاً قد لازمة ديناميكية الحركة السياسية في السودان،إلى تزييف الحقائق، وبناء اساطير الأوهام في عقول شعبنا بالاكاذيب وخطابات الفحلوة كأدوات للسيطرة وإعادة الإنتاج في إطار مزاجهم الحقلي. لذا نستطيع القول بأن الثورة السودانية في إطار تمرحله، قد اصطدمت بجدارات اسمنتية صلبة ، متخصصة في تلوين المواقف وتزوير الحقائق وتفتيت احلام وطموحات…

    Read more

    Continue reading
    الهادي إدريس لـ”إرم نيوز”: الحرب في السودان لن تنتهي إلا بهزيمة الحركة الإسلامية
    • أبريل 28, 2025

    الهادي إدريس لـ”إرم نيوز”: الحرب في السودان لن تنتهي إلا بهزيمة الحركة الإسلامية رئيس جيش تحرير السودان-المجلس الانتقالي، الدكتور الهادي إ…27 أبريل 2025، 5:36 مقال رئيس حركة/ جيش تحرير -المجلس الانتقالي، الدكتور الهادي إدريس، إن إنهاء الحرب في السودان لن يتم بالانتصار العسكري، بل عبر اتفاق سياسي شامل، وهزيمة مشروع السودانية “الإخوان المسلمين”، الذي سيمهد لبناء دولة حديثة قائمة على الحرية، والديمقراطية، والعدالة، والمواطنة المتساوية. وأضاف الهادي إدريس، في مقابلة مع “إرم نيوز”، أنه “للأسف، تدخل حرب 15 أبريل/ نيسان، عامها الثالث دون أن تلوح في الأفق بوادر لحل يوقف معاناة “. أزمة هيكلية عميقة وأوضح الهادي إدريس، “تتميز هذه الحرب عن سابقاتها باعتبارها ليست الحرب الأولى في تاريخ السودان، والتاريخ السياسي للبلاد منذ هو تاريخ من الحروب وعدم الاستقرار السياسي، ما يدل على أزمة هيكلية عميقة في بناء الدولة الوطنية”. وذكر أن السودان بلد متعدد ومتنوّع إثنياً ومناخياً، غير أن الآباء المؤسسين لم يحسنوا إدارة هذا التنوع، بل اعتبروه نقمة، وكانت النتيجة الحتمية…

    Read more

    Continue reading

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    بيان إدانة واستنكار حول استهداف طيران الحركة الإسلامية لقوافل الإغاثة الدولية بمحلية الكومة – شمال دارفور

    • يونيو 3, 2025
    • 28 views
    بيان إدانة واستنكار حول استهداف طيران الحركة الإسلامية لقوافل الإغاثة الدولية بمحلية الكومة – شمال دارفور

    د. جمال عبدالحليم النور يكتب الثورة السودانية التراكمية ما بين معركة الوعي وزييف القادة.

    • مايو 21, 2025
    • 841 views
    د. جمال عبدالحليم النور يكتب الثورة السودانية التراكمية ما بين معركة الوعي وزييف القادة.

    بيان نعي

    • مايو 4, 2025
    • 79 views
    بيان نعي

    بيان مناشدة عاجلة

    • مايو 4, 2025
    • 67 views
    بيان مناشدة عاجلة

    الحرية العدل السلام الديمقراطية
    حركة/جيش تحرير السودان-المجلس الإنتقالي

             بيان مناشدة عاجلة.

    بداية تعزز الحركة ترّحمها علي جميع الأرواح التي فقدت في هذه الحرب العبثية و تتقدّم لأسرهم بخالص التعازي و عظيم المواساة، و تتمني عاجل الشفاء للجرحي و المصابين.

    تتقدّم حركة/جيش تحرير السودان-المجلس الإنتقالي بمناشدة عاجلة لجميع وكالات الأمم المتحدة و المنظمات الإنسانية و كل دول العالم و محبي الكرامة الإنسانية و رجال المال و الأعمال علي الصعيد المحلي، و الإقليمي، و الدولي بالتدخل العاجل لإنقاذ أرواح الآلاف من النازحين القدامي و الجدد بمعسكري سلك بوحدة كورما الإدارية و طويلة و مدينة كتم بتقديم المساعدات الإنسانية و الدوائية بجانب الخيام و الغطاء لهم.
    تدعو قيادة الحركة جميع منظمات المجتمع المدني المحلي و التنظيمات ذات الصلة بتوجيه دعمهم و أنشطتهم لإنقاذ أرواح الآلاف من ضحايا هذه الحرب العبثية.

    تؤكد الحركة و تعزّز بأن كل إمكانياتها و قواتها مسخّرة لخدمة هؤلاء و حمايتهم.

    يوسف آدم عبدالله محمد
    نائب أمين الإعلام و الناطق الرسمي بإسم الحركة.

                  ٣/ ٥ / ٢٠٢٥م

    • مايو 3, 2025
    • 71 views
    الحرية العدل السلام الديمقراطية <br>حركة/جيش تحرير السودان-المجلس الإنتقالي <br><br>         بيان مناشدة عاجلة.<br><br>بداية تعزز الحركة ترّحمها علي جميع الأرواح التي فقدت في هذه الحرب العبثية و تتقدّم لأسرهم بخالص التعازي و عظيم المواساة، و تتمني عاجل الشفاء للجرحي و المصابين.<br><br>تتقدّم حركة/جيش تحرير السودان-المجلس الإنتقالي بمناشدة عاجلة لجميع وكالات الأمم المتحدة و المنظمات الإنسانية و كل دول العالم و محبي الكرامة الإنسانية و رجال المال و الأعمال علي الصعيد المحلي، و الإقليمي، و الدولي بالتدخل العاجل لإنقاذ أرواح الآلاف من النازحين القدامي و الجدد بمعسكري سلك بوحدة كورما الإدارية و طويلة و مدينة كتم بتقديم المساعدات الإنسانية و الدوائية بجانب الخيام و الغطاء لهم. <br>تدعو قيادة الحركة جميع منظمات المجتمع المدني المحلي و التنظيمات ذات الصلة بتوجيه دعمهم و أنشطتهم لإنقاذ أرواح الآلاف من ضحايا هذه الحرب العبثية. <br><br>تؤكد الحركة و تعزّز بأن كل إمكانياتها و قواتها مسخّرة لخدمة هؤلاء و حمايتهم.<br><br>يوسف آدم عبدالله محمد <br>نائب أمين الإعلام و الناطق الرسمي بإسم الحركة. <br><br>              ٣/ ٥ / ٢٠٢٥م

    معركة الكفاءة ضد الولاء الشخصي

    • مايو 3, 2025
    • 63 views
    معركة الكفاءة ضد الولاء الشخصي

    رسالة تهنئة بمناسبة اليوم العالمي للعمال

    • مايو 1, 2025
    • 68 views
    رسالة تهنئة بمناسبة اليوم العالمي للعمال

    الهادي إدريس لـ”إرم نيوز”: الحرب في السودان لن تنتهي إلا بهزيمة الحركة الإسلامية

    • أبريل 28, 2025
    • 83 views
    الهادي إدريس لـ”إرم نيوز”: الحرب في السودان لن تنتهي إلا بهزيمة الحركة الإسلامية

    بيان مناشدة

    • أبريل 24, 2025
    • 63 views
    بيان مناشدة

    بيان نعي

    • أبريل 21, 2025
    • 252 views
    بيان نعي
    Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com

    اكتشاف المزيد من حركة جيش تحرير السودان- المجلس الانتقالي

    اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

    Continue reading