
المبررات المنطقية لتكوين حكومة السودان التأسيسي.
د. جمال عبدالحليم النور
نائب الأمين العام لحركة تحرير السودان-المجلس الإنتقالي
منذ انقلاب 25 أكتوبر 2023 م، ظل السودان في حالة فراغ دستوري إلى أن اندلعت حرب 15 أبريل، وبعدها ساد الأوضاع السياسية والأمنية في السودان، في حالة من الفوضى، والتشوية لمبادئ ثورة ديسمبر المجيدة، بل تماضى الحركة الإسلامية وجيشها في ممارسة التغبيش والتشوية وطمس الحقائق، ومن المعلوم أيضاً قد تم صياغة الرأي العام، وتوجيه مشاعر الجماهير عبر الآلة الإعلامية الكيزانية في تشكيل الوعي الزائف عن طريق التضليل الإعلامي، للسيطرة على الأفراد والجماعات، لغسيل ادمغتهم وإعادة تشكيلهم في حقول زائفة لخدمة أغراض جلادهم التاريخي، الذي حرمهم من كل شروط التطور والازدهار، والغريب والعجيب أن ممارسة التغبيش والتشوية وطمس الحقائق، قد أسهم بشكل كبير في التلاعب بالعقول لدرجة تماهي الضحية بشروط جلاده التاريخي، والسماح بإعادة تدويره وانتاجة في شكل نسخ مشوه يستجيب ويرضخ للقهر، لأن ما ممكن عمسيب وحياة عبدالمنطلب يصفهم بالعبيد مسرين هؤلاء على عبوديتهم يعني هذا انهم وصلوا إلى مرحلة من الرضوخ الشديد، والاستلاب الفكري، في العجز والاستحياء المنغمس بالنسبة لجلادهم،
ومع كل ذلك وكأنهم جاءوا إلى ساحة النضال من أجل التغيير في ليلة وضحاها، لأن مؤسسة الجيش هي أكبر جسم عنصري ساهم في تخلف السودان، بزرع الفتن بين السودانيين عبر استخباراتها العسكرية وهي التي دعمت تصنيف المواطنين السودانيين على أساس العرق، اللون، الدين، اللغة، الجهة، والكلية الحربية هي أكبر شاهد على تلك الدسائس والمؤامرات في استيعاب أبناء السودانيين ، وعلاوة على ذلك أنها مؤسسة حاقدة التي لم نسمع لها منذ حرب الجنوب وإلى يومنا هذا ولا أسيرا واحدا، بل ظللنا نسمع منهم بأن سعر الطلقة الواحدة أغلى من بني آدم. لأنها فقدت مهامها الأساسية وتحولت إلى مؤسسة ايدلوجية لصياغة الشعارات المضللة المبنية على الخداع المراوغة والأكاذيب لخدمة الذين يؤمنون باذلية الفوارق الاجتماعية بين الناس ولايؤمنون بقبول الآخر. جيش ديكوري عبارة عن ضباط عنصرين متخصصين في صناعة المليشيات وهم متكئين على وسائدهم لصناعة المشاكل وإدارتها بالوكالة(مؤسسة الرق الحديث)، اي الجيش والاستخبارات العسكرية الكيزانية هم المصنع المتخصص في إنتاج منتجات ملائشية ذات مواصفات، عدائية والشعور بالدونية وعقدة النقص لدرجة الارتماء في الانحطاط وعدم الثقة في النفس، بطريقة نقدر نقول سبحان الله، المستلب يتماهى مع من استلبوه لدرجة إلغاء زاته. ولكن في كل الأحوال مرض نفسي لتعميق الدونية.
والجدير بالذكر والملاحظ أيضا أن أغلب النخب السياسية الذين تعاقبوا على حكم الدولة السودانية متفقين على الشكل الهزيل المتموضع عليه المؤسسة العسكرية في السودان وذلك لسببين الأولى، لأنها حامي وحافظ لامتيازاتهم التاريخية والسبب الثاني هو التيار الأقوى في تفكيك الاخر المختلف مع نظريات النخب وإعادة تدويره وإنتاجه حسب مواصفات ومزاج النخب. وعلى الرغم من الأدوار والأساليب السيئة التي خلفتها الجيش مع النخب المركزية الفاشلة، قد أدى تحالفهم إلى عجز النخب من تقديم مشروع وطني حقيقي يخاطب جذور الأزمة في السودان وتقديم حلول منطقية لتجنب البلاد من الصراعات، وكذلك فشلوا في توزيع السلطة والثروة بين الأقاليم بشكل عادل مما أدى إلى نمو الأسئلة تجاه الحقوق طوال السبعين سنة الماضية، وكما قال باقان اموم الأمين العام للحركة الشعبية سابقا في عام 2009م، بأن الجيش السوداني أكبر مؤسسة فاشلة في تاريخ السودان الحديث ، وحينها ضجت أبواق الكيزان قاموا وهاجموه وطالبوا الحركة الشعبية بالاعتذار رد عليهم قائلاً طوال تاريخهم يأخذون مرتباتهم من عرق جبين الشعب وما رعيناهم إلا لقتل الشعب، مهمتهم الأساسي حماية الحدود المحتلة مثلاً حلايب، شلاتين، فشقة. وحماية الدستور من الانقلابات وليس مهمتهم ممارسة السياسة والتجارة .
على العموم فإن المرض الأساسي الذي لازم الدولة السودانية منذ 1956م، واقعده من التطور هو عبارة عن النخب الفاشلة الذين تعاقبوا على حكم السودان بالإضافة مؤسسة الجيش هو السرطان الحقيقي الذي ساهم في تثبيت سياسات النخب الفاشلة،لذلك اتجهت القوى السياسية والحركات المسلحة والدعم السريع كمكونات حادبة إلى مسلحة الوطن من مواجهة التحديات والسياسات الخاطئة المفضي إلى تفكك وانهيار الدولة السودانية لتأسيس حكومة وطنية هدفها الأساسي وضع مشروع وطني يخاطب جزور الأزمة في السودان بالاضافة الى إنهاء ظواهر التهميش السياسي والحرمان التنموي.
وعلاوة على السياقات أعلاه وأخرى لم أتمكن من حصرها كان مبررا موضوعيا، لتكوين حكومة السودان التأسيسي، والهدف الأساسي من تكوين الحكومة، هو الحفاظ على الدولة السودانية من الانقسام والتشتت بسبب السياسات الخاطئة والمعتمدة التي ينتهجها الحركة الإسلامية الكيزانية لإعادة نفسها في السلطة، وأيضاً مبرراً لتقديم خدمات للمواطنين السودانيين الذين مورس العنصرية تجاههم في استخراج الأوراق الثبوتية وكذلك إصدار عملة بطريقة غير مبرئة للذمة، وقانون الوجوه الغريبة (نظام الابارتايد)، امتحانات الثانوية العامة…. الخ، لذا كان واجب على ابناء السودان أن يلتقوا لوضع حد وتأسيس حكومة للقيام بالواجبات أدناه :-
1/ إيقاف وإنهاء الحروب واحلال السلام العادل المستدام وتهيئة المناخ لإطلاق عملية سياسية شاملة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.
2/ تعزيز دعائم الوحدة الوطنية الطوعية واحلال التعايش السلمي ومحاربة خطاب الكراهية.
3/ حماية المدنيين بكل الوسائل.
4/ بناء جيش وطني حديث غير اقصائي وغير عنصري يحتوي على كل التنوع التعدد السوداني ويخضع ويدار تحت قيادة السلطة المدنية،ويكون بعيدا من ممارسة السياسة، وقمع الشعب، يمارس مهامه وفق صلاحياته في دستور السودان التأسيسي العلماني الديمقراطي الليبرالي.
وخيرها من المهام المضمنة في في دستور حكومة السودان التأسيسي، لبناء دولة محترمة يعبر عن طموح جميع شعوبه بطريقة عادلة و متوازنة حتى لايكون هناك شخص أو مجتمع أو دين أو لون أو جهة يشعر بالنقص أو الحرمان التنموي، ويسهم حتى في معالجة جزء من الأمراض المتعلقة بالدونية لأنها متعلقة بالظلم والحرمان التنموي.
وأخيرا يقول الفيلسوف سلافوي جيجك ((بأن الخيار ليس بين الثورة والفوضى، ولكن بين التغيير الحقيقي أو استمرار الأزمة إلى الأبد)) .
وكذلك قال عالم الاجتماع ماكس فيبر (( ليس الخطر في الأفكار الجديدة، ولكن الخطر في الأفكار القديمة التي ترفض أن تموت)).
لأن التغيير الحقيقي ليس مجرد مزحات ثورية في كل بعد حين وآخر، وإنما النضال الحقيقي لإزالة كل ترسبات الماضي في السودان من ظلم واستبداد، والتهميش، وخطابات الكراهية، الازدراء، والتخوين، والاتجاه نحو بناء سودان علماني ديمقراطي تعددي،فدرالي حر، يتفاعل فيها كل قومياتنا بالتنافس نحو الإنتاج والازدهار.
اكتشاف المزيد من حركة جيش تحرير السودان- المجلس الانتقالي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.