

قضايا الأمن القومي السوداني. مابين مخاطر الإرهاب والمصير المجهول.
د. جمال عبدالحليم النور
نائب الأمين العام لحركة تحرير السودان-المجلس.
سبق قد أشرت في مقالاً سابق بأن الأمن القومي تقوم على إلى جملة من المبادئ والقيم والأهداف والسياسات المتعلقة بتأمين وجود الدولة، وسلامة أركانها، ومقومات استمرارها واستقرارها، وتلبية احتياجاتها، وضمان قيمها ومصالحها الحيوية، وحمايتها من الأخطار القائمة والمحتملة، داخلياً وخارجياً. الأمن القومي مربوطة بالأهداف القومية للدولة، غايتها الوصول إلى تحقيق الاستقرار ومصالح الدولة الحيوية، لذلك الأمن القومي لاتتوقف على قوات مسلحة جيد التدريب والتسليح فحسب، بل يتعداها إلى نطاق أوسع، كدور الدبلوماسية والتي يتمثل في بناء التحالفات الإقليمية والدولية، بغرض محاصرة المهددات السيادية الخارجية، وذلك عبر ترقية أوجه التعاون في المجالات، السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، لتمكين الدولة من إتخاذ تدابير التحوط لرفع كفاءتها في التعامل مع المهددات والأزمات.
وتكمن أهمية الأمن القومي في حماية الدولة ضد أي تهديدات أو مخاطر وكذلك حماية مصالحها الحيوية على المستويين الداخلي والخارجي، وتحقيق أهدافها التنموية الشاملة بابعادها ومجالاتها المختلفة (السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والبيئة والمعلوماتية).
وبناءً على السردية أعلاه إني أعتقد بأن الأمن القومي السوداني قد تعرض لتحديات وتهديدات طوال تاريخه الحديث، وبشكل مريع ومخل في فترة حكم الحركة الإسلامية الكيزانية، لأنهم منذ تنفيذ انقلابهم المشؤوم في عام 1989م، عملوا على خلق عداوة شاملة، داخلياً وخارجياً، فصلوا جميع الكفاءات الوطنية واستبدلوها بعناصر لا تمتلك أدنى ذرة كفاءة ولا معرفة، بل كانت هدفهم إدارة مؤسسات الدولة بمبدأ الولاء للحركة الإسلامية وليس للدولة، كذلك عملوا على تمكين مؤسساتهم الحزبية بسرقة موارد الدولة الاقتصادية، على حساب تنمية بناء الدولة، وفوق ذلك كله، سعى الحركة الإسلامية الكيزانية على خلق معاداة مع المجتمع الإقليمي والدولي أطلقوا شعارات مهددة للأمن القومي، على سبيل المثال ( أمريكا روسيا قد دنى عذابها)، ( الطاغية الأمريكان عليكم تدربنا)، ( ما دايرين دقيق فينا دقيقنا العندنا بكفينا)، والأدهى بعد ان إطلاقوا شعاراتهم المذعومة، لم نرى منهم إلا الانبطاح والانكسار لمن عادوهم ، والتدهور والانهيار لمؤسسات الدولة.
إذا ماهي مهددات الأمن القومي التي خلفتها نظام الإنقاذ الكيزاني للدولة السودانية؟.
واجه الأمن القومي السوداني، في إبان حكم الحركة الكيزانية، عدة مهددات ضمنها، التدخل في السيادة الوطنية بشكل مباشر من الدول الإقليمية والدولية، كذلك التعدي على الحدود الجغرافية، حلايب، شلاتين، كفي قنجي، فشقة، أيضاً زعزعة الأمن والاستقرار بالفتن الدينية والعرقية وإثارة الكراهية بين مكونات الشعب السوداني، كذلك إثارة النعرات العنصرية بالاستعلاء العرقي الجهوي، بالإضافة إلى التخريب الدائم لعلاقات حسن الجوار، أيضاً المجاعات والجفاف والكوارث البيئية والزحف الصحراوي الفيضانات وزعزعة الأمن الداخلي لمآرب سياسية وايدلوجية.
وبعد اندلاع حرب 15 أبريل 2023م، بواسطة جيش الحركة الإسلامية الكيزانية، مع قوات الدعم السريع، سعت الأولى إلى خلق شيطة للحرب بواسطة حلفائه الإقليميين والدوليين مصر، إيران وتركيا، وروسيا. الأمر الذي أدى إلى تدمير الحياة بالنسبة للمواطنين السودانيين، في البنية التحتية، تشريد مالا يقل عن 15 مليون مواطن مابين نازح و لاجيء، والأدهى والأمر تم صناعة أكثر من 14 مليشيا، يقاتلون مع الجيش المختطف، من الحركة الإسلامية الكيزانية، إضافة إلى أن الحركة الإسلامية صنعت مليشيا البراء بن مالك، يقال ان هذه المليشيا تأسست منذ عام 1999م، لدعم الأجندات العسكرية والسياسية للحركة الإسلامية في السودان، وأيضاً تقويض لأي معارضة سلمية كانت أو مسلحة، كذلك اسس من أجل السيطرة على المناطق الحيوية على سبيل المثال مناطق البترول والمناطق الحيوية الاخرى، كما تعمل على دعم التطرف والإرهاب الإقليمي، في ليبيا، ومالي، تشاد، نيجيريا وخيرها من الدول الإقليمية، يعتمد هذه الكتيبة على عقيدة فكرية متطرفة، يستخدم الإسلام في تسويق وترويج مفاهيمه القتالية بذريعة الجهاد، وتعتمد بشكل كبير على الدعم اللوجستي والمالي من شبكات داخلية وخارجية، علاوة على ذلك وفرت له استخبارات و جيش الحركة الإسلامية، غطاء سياسيا ومعلومات استخباراتية، بأن تنمو وتكبر في وسط هشاشة مجتمعنا السوداني، مارست هذه المليشيا الإرهابية أبشع أنواع التنكيل والتعذيب على الشعب السوداني، القتل وبقر البطون، الذبح والتمثيل بالجثث، ادخلوا سمات جديدة من القساوة في السودان ماكانت موجودة الا في بيوت أشباه الحركة الإسلامية، بل طوروها عبر والبرائون إلى أكثر بشاعة.
على أي حال لواء البراء أكبر مهدد إستراتيجي للأمن القومي السوداني، في الإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والأمني. وفي محاولة لتعزيز قدرتها القتالية، تم تدريب عدد من أعضاء لواء البراء بن مالك على تشغيل الطائرات بدون طيار والقوارب البحرية المفخخة، في لبنان والعراق، وإيران، بالإضافة إلى ذلك أسفرت زيارة وزير خارجية حكومة الأمر الواقع في بورسودان، إلى إيران عن اتفاق لإقامة خط إنتاج للطائرات بدون طيار، والقوارب الانتحارية في بورسودان تحت الإشراف الإيراني، لتزويد الحوثيين، وحماس والبرائون، بهذا النوع من الطائرات وفي المقابل منحت إيران مليون فدان من الأراضي السودانية من قبل سلطة الأمر الواقع في بورتكيزان.
والجدير بالذكر أيضاً حسب تقارير (مرصد النزاعات) التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، ارسلت إيران مالا يقل عن 9 رحلات شحن جوية مزودة بالأسلحة إلى مطار بورسودان في الفترة ما بين ديسمبر 2023م ويوليو 2024م، ومن نفس المصدر في 17 أكتوبر 2024م، بأن إيران نقلت أسلحة إلى جيش الحركة الإسلامية والبرائون عبر طائر شحن جوية (EP-FAB)، التابعة لشركة (قشم فارس للطيران)، إلى مطار بورسودان، وشملت الأسلحة التي وفرتها إيران طائرات بدون طيار، ابابيل 3 لأغراض التجسس، والنموزج الثاني مهاجر 6، وكذلك محطات التحكم الأرضي، إضافة إلى أسلحة مدفعية ومعدات أخرى، أيضاً قالت صحيفة وول ستريت أن إيران عرضت لعبد الفتاح البرهان قائد جيش الكيزان، لتزويدهم بسفينة حربية قادرة حمل وإطلاق المروحيات من على سطحها بمقابل إنشاء قاعدة عسكرية دائم لإيران وروسيا في البحر الأحمر.
إذا السؤال الذي يدور في الأذهان، ماهي الأسباب وراء تدخل إيران السافر في الأمن القومي السوداني؟
يرجع أسباب تدخل إيران في الأمن القومي السوداني لعدة عوامل أهمها، توسيع نفوذها في افريقيا عبر السودان وذلك لتشكيل حضور جديد مستغلة الأزمات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى السيطرة على ممرات مائية مهمة كالبحر الأحمر لتعزيز قدرتها والسيطرة على حركة الملاحة، كذلك تسعى إيران على سرقة اليورانيوم من السودان لدعم صناعة أسلحتها الحربية، أيضاً تسعى إيران إلى تنفيذ أجندتها في السعودية عبر المجموعات الإرهابية في السودان، وبالإضافة إلى نشر الإسلام الشيعي في السودان وبعد الدول الأفريقية الهشة.
في الختام الحركة الإسلامية الكيزانية، بعد أن فشلت في الحرب الذي اشعلته على الشعب السوداني بات يعمل بسياسة المثل السوداني (فإن لم تصلح فضر)، بمعنى بعد أن فقدوا الأمل في الشعب السوداني اتجهوا لإفساد وتخريب الحياة الاجتماعية والسياسية، بإنتاج المليشيات الإرهابية لتدمير السودان، وفعلاً دمروها ولكن نقول لشعبنا لا تسمعوا على اكاذيبهم وافتراءاتهم لأنها كلها عبارة عن بهتان وخيانة بإستخدام أساليب واحاييل الخدعة والتخدير إلى حين ، وبعدها ترجع المشاهد نفس المشاهد.
كما قال الشاعر :
إذا رأيت أسنان الليث بارزاً.
فلا تظن بأن الليث مبتسم.
اكتشاف المزيد من حركة جيش تحرير السودان- المجلس الانتقالي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.